Arabpsynet

 حوارات /   Interviews

شبكة العلوم النفسية العربية

 

محــــاورة مــع هانـــس تومـــي

أجرى اللقاء: توماس براث

ترجمة: أ.د. سامر جميل رضوان

بريد إلكتروني :

 

    ولد هانس تومي Hans Thome  في عام 1915 لأب كان يعمل في الجمارك في مدينة فينكل في باير في ألمانيا، كان أستاذاً لعلم النفس في جامعات إيرلانغن و بون. و تتصف دراساته الإمبيريقية، ومن بينها التحليل الكيفي والكمي لستة آلاف سيرة ذاتية مستقصاة، بالتنوع المضموني و قربها من الحياة الواقعية وأهميتها العملية. حظي هانس تومي، الذي شغل لبعض الوقت رئيس الجمعية العالمية للنمو السلوكي International Society for behavioral Development ، والجمعية العالمية لعلم الشيخوخة International association of Gerontology ، بشهرة عالمية وتخصصية بشكل خاص من خلال دراسة بون الطولية التي بدأت عام 1965 للشيخوخة، التي استمرت حتى ثمانينات القرن العشرين. فإذا كان المرء في السابق يربط بين الشيخوخة والمرض و الفقدان و التقييد، فإنه من خلال هذه الدراسة تمركزت بؤرة الاهتمام على الإنسان المتقادم في السن الفاعل الواعي بالصحة و طويل الحياة و القادر على التعلم .

    يمثل تومي أجيالاً عدة من علماء النفس وعلماء الشيخوخة. ومن طلابه الباكرين أورسولا لير Usula Lehr، التي أصبحت فيما بعد وزيرة اتحادية للشباب والأسرة والمرأة و الصحة، وفرانس فاينرت المدير اللاحق لمعهد ماكس بلانك لأبحاث علم النفس. ومن بين أكثر من 300 منشور لتومي هناك كتب مثل الشخصية (1951)، الإنسان في القرار (1960)، الفرد وعالمه (1986)، علم النفس في المجتمع المعاصر (1977)، وعلم النفس في الحياة اليومية (1991: بالاشتراك مع أورسولا لير)، والطرق البيوغرافية في العلوم الإنسانية (1999: بالتعاون مع غيرد يوترمان). ويصدر له هذا العام بالتعاون مع أورسولا لير علم نفس الشيخوخة بطبعة منقحة كلية وجديدة. ولا يرتبط كلا باحثا الشيخوخة في التخصص فحسب وإنما زواجياً كذلك: ففي عام 1998 تزوج كل من هانس تومي وأورسولا لير.

    يعد هانس تومي واحداً من جدود علم النفس الألماني. فعالم نفس الدوافع وباحث السيرة الذاتية (Biography) في علم نفس الشيخوخة بلغ في 31 تموز (يوليو) عام 2000، خمس وثمانون  سنة. وحول حالة حرفته مازال العالم غير المريح دائماً و الدائب النشاط حتى الآن غير راض –بالمقابل فهو سعيد حول شخصه.

 

 

علم النفس اليوم: سيادة الأستاذ تومي، لماذا قررت في عام 1935 دراسة علم النفس؟

هانس تومي: يمكن القول من أجل حل صراعات محددة في المراهقة لاحقاً. لقد عانيت أثناء نضجي من المنظور الديني-العقائدي من مشكلات مختلفة في اتخاذ القرارات. لهذا اهتممت بمسألة كيف ينشأ في الواقع القرار، كيف ينضج؟

    و كان لفريدرش نيتشة تأثير آخر علي، ولكن ليس من فيلسوف  "إرادة القوة"، وإنما من منتقد العلم. فقد مارس نيتشه مثل فرويد نقداً للرؤية الساذجة للخبرات الشعورية، إذ قال: كل ما نعيشه شعورياً، هو بطريقة ما تهيئة، هو في النهاية مدفوع وهو من ثم لا يطابق  ما يسمى بعالم الحقائق الموضوعي.

     لقد كانت إذاً مشكلات نظرية، قادتني لدراسة علم النفس والفلسفة. كان علم النفس في ذلك الوقت تخصصاً غير محبوب؛ فقد كنا في برلين في العملي في علم النفس التجريبي خمسة أشخاص فقط ، وكنت الوحيد الألماني.

 

علم النفس اليوم: كانت دراستك و سنوات المعيديه في عصر الاشتراكية القومية. كيف خبرت هذا الزمن؟ هل تحدث المرء على سبيل المثال كطالب حول أن الممثلون القادة للتخصص –وبشكل خاص أتباع علم نفس الجشطلط- كانوا مهجرين؟

هانس تومي: لم أعرف هذا إلا في وقت متأخر، إذ أن المعلومات لم تكن بالطبع متوفرة إلا بشكل جزئي. وعندما بدأت الدراسة في شتاء 1935 في برلين، كان هناك أشخاص آخرين، وكل علماء النفس الجشطلطيون كانوا قد رحلوا. الوحيد الذي أتى لاحقاً كان كورت غوتشالت Kurt Gottschaldt، إلا أنه حاضر في علم نفس الوراثة.

 

علم النفس اليوم: يرى بعض مؤرخي علم النفس أن علم النفس الألماني قد عاني من الانحدار في عصر الاشتراكية القومية، في حين أن كتاب آخرين مثل أولفريد غيوتر Ulfried Geuter يشيرون بالمقابل إلى "حرفنة" Professionalize   مريبة لعلم النفس الألماني.

هانس تومي: في هذا العصر تم تدمير علم نفس الجشطلط، وكذلك كان تدمير معهد ديفيد كاتس David Katz في روستوك خسارة كبيرة. إلا أنه إذا كان في بداية ثلاثينيات القرن العشرين قد نشأ اتجاه، لم يعترف بالتجربة كطريقة نفسية وحيدة، وإذا رأى بعض الباحثين بأن الثلاثينيات كانت بداية الاشتراكية القومية، فإن هذا بالطبع تشويه للحقائق. ومع ذلك فقد كان  إيريش يينش Erich Jeansch في ماربورغ Marburg، أوحش نازي في ذلك الوقت وكان  عالم نفس تجريبي صارم. ويينش هذا استخدم في عام 1938 في كتابه النمط المقابل Der Gegentypus نتائجه التجريبية لأوحش دعاية مضادة للسامية.

ولم لم يمت يينش، الذي كان رئيس الجمعية الألمانية لعلم النفس، في عام 1940 لكان قد أجبر كل المعاهد على العمل في هذا الاتجاه. وكان هذا سيكون بالنسبة لنا جميعاً سيئاً جداً. ولكن بما أنه لم يعد موجوداً فقد تمكن أشخاص  مثل معلمي إيريش روثاكر Erich Rothacker، الذي أدخل أيضاً مظاهر انثروبولوجية ثقافية، وفيليب ليرش Philip Lersch، الذي أحيا التحليل الفينومينولوجي، أن يعيشوا في نوع من الجزر المستقلة.

 

علم النفس اليوم: غالباً ما رحل المهاجرون إلى الولايات المتحدة الأمريكية. فهل استمريت بعد الحرب بالشعور بالتأثير الذي تركه علماء ألمان مثل فولفغانغ كوهلر   Wolfgang Koehlel  أو كورت ليفين Kurt Lewin في منفاهم؟

هانس تومي: عندما ذهبت لأمريكا في عام 1951 لستة أسابيع لعمل اطلاع، سمح لي أن أختار المكان الذي أذهب إليه. فاخترت من بين ما اخترت جامعة أيوا Iowa، الجامعة التي بنى فيها كورت ليفين مركز أبحاث رفاهية الطفل Child Welfare Research Station. وصلت هناك ولم يعد أي شيء من كورت ليفين موجود هناك، فالاتجاه كان سلوكياً بشكل متطرف.

 

علم النفس اليوم: كنت في مرحلة ما بعد الحرب واحداً من الطلائعيين الذين ربطوا علم النفس الألماني القديم مع المبادئ الأمريكية الجديدة.

هانس تومي: كانت هناك نقاط تماس متعددة، بعلم نفس الشخصية الأمريكي على سبيل المثال. لقد كان لدي تبادل مكثف جداً مع غوردن ألبورت Gordon Allport  في هافارد الذي أخذ الكثير من ألمانيا وبشكل خاص من فيليم شتيرن William Stern. وفي عام 1952 حالفني الحظ بزيارة شارلوته بولر Charlotte Buehler في لوس أنجلوس. ومنها تبنيت فكرة أن نمو الإنسان لا يتوقف في مرحلة الطفولة، وإنما يمتد خلال مرحلة الحياة ككل. بالإضافة إلى أني تعرفت على عدة دراسات طولية أمريكية و أعجبت بالمقابلات وملاحظات السلوك التفصيلية جداً. لقد تعلمت الكثير هناك، على سبيل المثال، بأنه من العسير جداً تخطيط مثل هذه الملاحظات العلمية طويلة الأمد انطلاقاً من فرضية –كما يفعل غالبية الزملاء الألمان، المسؤولين عن تقويم مخططات البحوث. و من خلال الطريق يجعل المرء الطرائق تنساب بحيث ربما قد يتمكن من استخدام مادة معطياته التي يحصل عليها بهذه الطريقة لفرضيته التي صاغها مسبقاً على الطاولة الخضراء. ولكن ماذا لو لم يتم  إثبات هذه الفرضية ؟ فسوف يقوم عندئذ برمي نتائجه. ولكن بالمقابل إذا انطلق المرء دون الحصر في  نظرية بجمع نتائج كثيرة قدر الإمكان، فإنه يستطيع عندئذ تقويم المادة نفسها من وجوه ومبادئ نظرية مختلفة –من مثل التحليل النفسي أو علم الاجتماع أو علم نفس الشخصية.

 

علم النفس اليوم: لم تستثر علم النفس في ألمانيا فحسب بل انتقدته أيضاً واهتممت كثيراً بتاريخ علم النفس. فمن برأيك أكثر من دفع علم النفس للأمام؟ أكان تجريبياً من نحو  فيلهيلم فوندت Wilhelm Wundt أم كان عيادياً من نحو سيجموند فرويد أم في ذهنك أسماء أخرى كلية؟

هانس تومي: عندما تقول "تجريبي من نحو فيلهيلم فوندت"، فإنك تهدم في الحقيقة الكتابات التاريخية الثلاثة الخطأ، التي أنتقدها أنا. إذ أنه بالنسبة لفيلهيلم فوندت كان التجريب مجرد ركيزة صغيرة من بين ركائز كثيرة أراد أن يقيم عليها علم النفس. فقد كتب على سبيل المثال اثنا عشر جزءاً في علم نفس الشعوب. و كان ذلك وفق فرضيته بأنه لايمكن  للإنسان أن يستطيع قول شيء حول الوقائع النفسية المركبة –من نحو التفكير- إلا من خلال تحليل المادة التاريخية الثقافية. لقد قام كتاب تاريخ علم النفس بإغفال الثلاثين سنة الأخيرة من حياة فوندت كلية. بالإضافة إلى أنه لم يكن من الممكن إلا في مجموعات constellation  شخصية محددة جداً ، وربما أيضاً في مجموعات سياسية و تنظيمية، أن فونت في وقت من الأوقات استطاع استخدام غرفة الغسيل هذه، التي كانت في الأصل مختبره التجريبي المشهور لأجهزته.

    وكون التاريخ كله إن صح التعبير قد انصب على علم النفس التجريبي الذي أحدثه فوند، فذلك يعد تجاهل سيئ للحقائق.

    كما لم يكن فوندت المصدر الوحيد الممكن. فقد كان يمكن للأشخاص حول كارل فيليب موريتس Karl Phillipp Moritz  أن يستأنفوا علم النفس، الذين أسسوا في القرن الثامن عشر "مجلة علم نفس الخبرة"، إلا أن كل ذلك دمر من خلال الكانطيون Kantian.

 

علم النفس اليوم: من كان أعظم باحث بالنسبة لك في تاريخ علم النفس؟

هانس تومي: ويليم شتيرن William Stern، لأنه وحَّد فيه كلا الوجهين: فقد كان  من جهة قيَّاساً نفسياً Psychometrical  مهماً، بحث إمبيريقياً، ومن ناحية أخرى قدم في النهاية رؤية فلسفية معمقة لعلم النفس، قام بإتمامه فيما بعد أشخاص من ذوي ميول نازية بوصفه علم نفس تقليدي. لم يتم تقويم شايرن بعد.

 

علم النفس اليوم: لو اقتربنا من الحاضر أكثر: ما هو أهم تطور حضي به علم النفس بالنسبة لك في مرحلة ما بعد  الحرب العالمية الثانية.

هانس تومي: بالتأكيد كان التحول عن السلوكية إلى النظريات المعرفية المختلفة –مع العلم أنه يخشى في بعض المبادئ أن يتم نسيان الدوافع أمام الاستعراف الخالص.

  

علم النفس اليوم: لايوجد أي اتجاه نفسي غير التحليل النفسي الذي نادى بمقولة: "لا يمكن أن يتم فهم الإنسان، دون فهم جذور التاريخ الفردي". كيف تفسر بوصفك بطل "الطريقة البيوغرافية"، ومع ذلك لم تكن لك أية صلة بالتحليل النفسي؟

هانس تومي: مما لاشك فيه أننا في بون استندنا إلى التحليل النفسي أثناء الاهتمام بالشعور واللاشعور، إلا أنه في المبدأ البيوغرافي كان هناك فروق مبدئية: فلو أني سلكت بشكل صارم مسلكاً تحليلنفسياً لكان علي أن أدخل في التصور الكامل للتفكير من خلال تحليل تعليمي، وإلا سيكون تفسير حلم ما أو مقولة ما بالنسبة لي مبالغ به إلى حد كبير. عدا عن أن التحليل النفسي قد بحث في الواقع الجذور البيوغرافية في الطفولة الباكرة، في حين أني اهتممت بمجرى النمو كاملاً، وحتى في الجانب الآخر من الشباب.

 

علم النفس اليوم: عبرت في الماضي عن نوع من "التعاطف النقدي" حول علم النفس الإنساني، كيف ترى تطوره؟

هانس تومي: لدي انطباع أن بأنه في هذه الأثناء قد استوطنت تحت هذا اللقب أشياء شتى، وهو ما يصعب اعتباره علمياً، وهو ما يقلل من قيمته وهذا ينطبق سواء على مبدأ علم النفس الإنساني أم كذلك على المبدأ غير التجريبي أو غير القياسي.  

 

علم النفس اليوم: قبل 25 سنة عنونت مقالاً في علم النفس اليوم "نزع سلطة علم النفس"، فهل ترى اليوم أن السلطة قد انتزعت؟

هانس تومي: لا، لا، بل على العكس. فالوضع لا أمل منه أبداً، على الرغم من الازدهار الضخم في العتاد الشخصي والمؤسساتي الحاصل منذ سبعينيات القرن الماضي. ويعتقد بوجود أسباب اجتماعية واقتصادية، وبالمناسبة كذلك أيضاً بالنسبة للسيطرة التي ما تزال متزايدة  لعلم النفس الأمريكي.

   خذ على سبيل المثال علم نفس الشخصية بطرائقه الاستبيانية السائدة. فالدراسات بواسطة الاستبيانات تعطي بسرعة بيانات. ومن خلال ذلك يمكن تغذية الحواسيب الكبيرة "بشكل اقتصادي"، والتي يفترض أن يكون استثمارها مفيداً. ولكن لو أني أسلك بالمقابل الطريق الذي يحتاج إلى عدد كبير من الأشخاص و المستهلك للوقت من خلال المقابلات و التحليل المنهجي، كما هو الحال في الوقت الراهن في الدراسات  الطولية لسن الرشد ILSE ، فسيكون الأمر أصعب بكثير. الآمال بالنسبة لعلم نفس فارقي تختفي باطراد في الوقت الراهن.

 

علم النفس اليوم: لقد طالبت أيضاً في ذلك الوقت بأنه على المرء دراسة الإنسان في واقع حياته اليومية. فهل ترى في خريطة البحث الراهنة مبادئ يتم تحقيق هذا فيها؟

هانس تومي: بالكاد. استثناء من ذلك تشكله دراسة الكبر البرلينية. وهنا لم يتم إجراء دراسات طبية وقياسنفسية واسعة، وإنما كذلك تم إجراء بمقابلات حقيقة لخبرات الحياة اليومية. إلا أن هذا كان مشروعاً، استطاع باول بالتس Paul Baltes  الحصول فيه على الكثير من المال بشكل غير مألوف......

 

علم النفس اليوم: ما الذي يمكن لعلم النفس أن يحققه عموماً؟ هل يستطيع بالفعل أن يعطي معنىً جديداً.

هانس تومي: هل من الممكن لطبيب ما أن يرى تخصصه كوسيلة للبحث عن المعنى؟  يستطيع علم النفس أن يقدم مساهمة علمية في سعادة الإنسان.

 

علم النفس اليوم: إلا أن كثير من النقاد لا يجدون إلا تفاهات.

هانس تومي: قد يحدث هذا في المبادئ العريضة جداً من الناحية الطرائقية، إلا أننا عندما نسلك مسلكاً تفريقياً من الناحية المضمونية، فسنجد أمثلة حول الأهمية الاجتماعية لعلم النفس-من نحو إسهاماته في تقويم مسؤولية الذنب و وإرشاد الموظفين أو في حل الصراعات. فإذا ما توسعنا في علم النفس و أخذنا فرويد بعين الاعتبار فقد كانت أقلمة موضوع الجنسية في المجتمع إنجازاً حاسماً جداً.

 

علم النفس اليوم: مارست منذ الستينيات إلى جانب علم النفس علم الشيخوخة Gerontology بشكل مطرد. وكانت دراسة بون  الطولية التمهيدية حول الكبر نوع من الشرارة الأولية لصورة جديدة كلية عن كبار السن. ما هي أهم النتائج التي تراها أنت نفسك لدراستك؟.

هانس تومي: أولاً فهم أن مرحلة الحياة ليست هي المحدد الأولي، بل أن عوامل اجتماعية خاصة جداً من نحو التطور المدرسي والمهني أو الجنس هي التي تؤثر على عمليات الشيخوخة. و بشكل جوهري أيضاً التفرد العالي في الكبر، التي وصفتها في كتابي أنماط الكبير و مصائر الكبر. و أخيراً يعد نقض نموذج العجز في الكبر ذو أهمية كبيرة بالنسبة لسياسة كبار السن والسياسة الاجتماعية.

 

علم النفس اليوم:  ما هي برأيك "الشيخوخة الناجحة"؟

هانس تومي: أفضل الحديث عن الشيخوخة المشبعة"، إذ أنه يحذر من تقديم الوصفات العامة جداً. ومن المؤكد أن النشاط بمقدار ما شرط مهم للرضى. ولكن إذا ما كان شخص ما يريد لأسباب جسدية واجتماعية أن يكون أكثر تأملاً، علينا أن يقره في ذلك بالدرجة نفسها.

 

علم النفس اليوم: بحثت أيضاً حول طول الحياة. فبأي شيء يتعلق أن يعيش الإنسان طويلاً وما الذي على المرء فعله من أجل أن يعيش حياة طويلة؟

هانس تومي: من المؤكد علينا أن نأخذ العامل الجيني بعين الاعتبار بدرجة كبيرة. ومن وجهة النظر النفسية فإن النشاط واحد من أهم العوامل. كما أن الاهتمام بالعلاقات الاجتماعية والثقة بالآخرين وبالمجتمع بشكل عام وكذلك وتقبل الإرهاقات التي يصعب تجاوزها.

 

علم النفس اليوم: إلى أي مدى أنت شخصياً سعيد في سنك هذا؟

هانس تومي: أنا بخير من الناحية الصحية عموماً، إلا أنه ليس دون إزعاج. وبالنظر للتشخيصات التي أجراها لي الأطباء قبل عشر أو  عشرين سنة يفترض أن أكون في حالة سيئة جداً. وبالطبع فأنا محظوظ (يشير هانس تومي بيديه الاثنتين إلى أورسولا لير، التي دخلت في هذه اللحظة من الباب): من المؤكد أن علاقة تشاركية مشبعة هي الأهم من ضمن العوامل الأخرى.

 

علم النفس اليوم: كرست نفسك مع زوجتك المتوفاة السيدة أنغه بورغ Ingeburg بشكل خاص للناس المعوقين. فابنك فريدر Frieder  من هذا الزواج البالغ من العمر 44 سنة يعاني من متلازمة داون. والناس الذين يعانون من هذه المتلازمة لم يكن لهم قبل عقود من السنين الأمل بالحياة أكثر من 15 سنة، كيف سار نمو ابنك؟

هانس تومي: الفضل للتنمية، التي يحصل عليها المعوقون في قسم المساعدة الحياتية، فإن فريدر اليوم شخص مهم جداً، ومتلائم مع متطلبات ورشته للمعوقين و مع الحياة في البيت.

 

علم النفس اليوم: من المؤكد أن المرء في الشيخوخة يحب النظر للوراء –هكذا تقول العبارة التقليدية على الأقل-. فما الذي تراه نفسك في الماضي كأعظم إنجاز علمي لك؟

 هانس تومي: كان أملي خائباً جداً مرة من زملائي. ففي عام 1970 تم اختيارنا في بون  من لجنة  جماعة البحث من مختلف التخصصات "كمجال بحث خاص II ، علم نفس النمو". وفي النهاية تم رفض هذا من الزملاء النفسانيون. وكان هذا إجابة واضحة على كتابي "الفرد وعالمه"، الذي صدر قبل عامين من ذلك. فهنا انتقم ممثلون معينون لعلم النفس ببساطة من زميل لهم لأنه مارس النقد.

 

علم النفس اليوم: إلا أنك لا تستطيع أن تشكو من نقص التكريمات. فقد منحت أربع مرات دكتوراه الشرف، بل أنك تحتل في جامعة موسكو مرتبة خليفة غوته و شيللر.

هانس تومي: فرحت عند منحي دكتوراه الشرف في موسكو، لأنه أتضح أثناء التكريم إلى أي مدى اهتم المرء هناك بمبدأي. وعلى ما يبدو فإنه لا كرامة لنبي في قومه! إلا أني لا أريد المبالغة في أهميتي. فمبدأي يسد ثغرة محددة، ربما يتم اللجوء إليها عندما تنقلب ريح علم النفس السائدة في اتجاه آخر. في الوقت الراهن ليس لمبدأي مكان واسع.

 

علم النفس اليوم: أتبحر أحياناً في الإنترنت؟

هانس تومي: لا، فالأهم بالنسبة لي العودة إلى الأشكال المجربة من قبلي للعمل. إلا أني مؤخراً بحثت في الإنترنت تحت مفهوم "علم الشيخوخة". وما يوجد من سخافات إلى حد ما أمر لا يصدق. وعلى ما يبدو فإن الإنترنت ليس مصدراً موثوقاً جداً.

 

علم النفس اليوم: ما هي الهوايات التي تمارسها في هذه السن؟

هانس تومي: النزهات بشكل  أساسي و تجول الجبال.

 

علم النفس اليوم: وما الذي تعمله الآن؟

هانس تومي: أعمل يومياً بين الثلاث والأربع ساعات على الأقل. أنهيت الآن مقالاً أنادي فيه بمقولة، أن السلوك هو دائماً عبارة عن تبادل بين العمليات العقلية  والوهمية. وأريد أن أقدم هذا العمل في مشروع طموح: أريد أن أكتب أيضاً كتاباً حول "الأنثروبولوجيا النفسية".

 

علم النفس اليوم: من أين تستمد القوة و الدافعية لتستمر بعمر 85 بالإنتاج العلمي؟

تومي: سألني أحد الزملاء مؤخراً، كيف مازلت أعمل دائماً على نشر رؤيتي. ولكن هذا ليس دافعي بالفعل. فدافعي أقرب إلى الاهتمام بالأنثروبولوجيا النفسية و كذلك شكل موضوعي أو متمهن من البحث عن المعنى. إني أنقله ببساطة مني إلى الناس.

 

سعيا وراء ترجمة جميع صفحات الشبكة إلى الإنجليزية و الفرنسية نأمل من الزملاء الناطقين بالإنجليزية و الفرنسية المساهمة في ترجمة هذا البحث و إرساله إلى أحد إصدارات الموقــع : الإصــدار الإنجليــزيالإصــدار الفرنســي

 

Document Code PI-0009

InterviewSamer 

ترميز المستند PI-0009

 

Copyright ©2004  WebPsySoft ArabCompany, www.arabpsynet.com  (All Rights Reserved)