Arabpsynet

Livres  / كتــب /  Books

شبكة العلوم النفسية العربية

 
سيكولوجيـة السياسـة العربيـة
 العرب و المستقبليات
أ. د. محمد أحمد النابلسي
الناشر : دار النهضة العربية 1999
Website : www.darannahda.com

 

q       فهرس الموضوعات /  CONTENTS / SOMMAIRE 

 

§         المقدمة

§         الفصل الأول : مدخل إلى علم السياسة

§        الفصل الثاني : المستقبليات بين السيكولوجيا و السياسة

1)      تحول السلطة

2)      على طريق حضارة عالمية جديدة

3)      صدام الحضارات

4)      تآكل المصالح الأميركية

5)      الألفية الجديدة

6)      خرافة المواجهة

7)      نهاية العلم

8)      الصراع الداخلي

9)      الأساطير و غارودي

10)   مثلث الشؤم

11)   قراصنة و أباطرة

12)   الأنظمة العالمية

13)   إله المعارك – الحروب المقدسة

14)   العولمة

15)   النظر غير المتساوي

    

§         الفصل الثالث : السياسة بين الفردية و العولمة

1)      سيكولوجية المعلومات

2)      العولمة و المعلوماتية هذا المزيج القاتل

3)      الفردية تهدد العولمة

4)      ثقافة الطفل العربي في الألف الثالث

 

§         الفصل الرابع : سيكولوجية الصراع العربي – الإسرائيلي 

1)      سيكولوجية الأسطورة في الإرهاب الصهيوني

2)      الأساطير الإسرائيلية  المؤسسة لتنفيذ القرار 325

3)      إعادة تصدير اليهود العرب

4)      الهوية الإسرائيلية

5)      دينامية الرأي العام العربي

6)      نهاية الإيديولوجيات فرضية ساذجة

7)      المؤرخون الجدد و الخطيئة الإسرائيلية

8)      الكابوس النووي الإسرائيلي

 

§         الفصل الخامس : العرب و النظام العالمي الجديد

1)      النظام العالمي و المثقف العربي

2)      أزمات الخطاب السيكولوجي العربي

3)      صور العربي الأربع

4)      انحرافات الرؤساء الأميركيين

5)      الثورة الثانية في أمريكا

6)      استعراضية اللوبي اليهودي

7)      هل الإيدز صناعة أميركية

8)      التحليل النفسي لشخصية كيلنتون

9)      العرب بين الإرهاب و البحث العلمي

 

§         الفصل السادس : سيكولوجية الكوارث العربية –لبنان نموذجا

1)      الإحصاءات الوهمية في مجتمع الحرب اللبنانية

2)      التعيين و العدائية .. سياسة الجمهورية الثانية

3)      سيكولوجية الزعامة في الانتخابات اللبنانية

4)      العوامل النفسية المؤثرة في الانتخابات

5)      الآثار المستقبلية لعناقيد الغضب

6)      صدمة قانا

7)      عقدة الخجل و شرعية الحياء

 

§         الفصل السابع : الشخصية العربية في عالم متغير

§        الفصل الثامن : الشخصية العربية و الوفرة الاقتصادية

§         الفصل التاسع : سيكولوجية الشائعات 

§        الفصل العاشر : السيكولوجيا السياسية في مجال التجسس

 

q       مقدمــة المؤلــف / PREFACE

   

 كان للسينما الفضل في تعريف الجمهور إلى الجوانب السوداء لاستخدام العلوم النفسية في الميدان السياسي. وهو استخدام محفوف بالغموض و السرية. فقد ظهرت أفلام عديدة تصدت للموضوع وعرفت نجاحا جماهيريا واسعا أدى لطرح مسألة أخلاقيات استخدام المعارف النفسية في المجال السياسي. من أنجح وأهم هذه الأفلام نذكر:

     البرتقالة المعدنية: حيث لا يمكن لمشاهد هذا الفيلم أن ينسى تلك النظرة اليائسة، وذلك التعبير عن الرعب الذي يظهره بطل الفيلم أمام محاولة سلبه لإنسانيته بتحويله إلى مجرد مجيب آلي على الإثارات التي تعرض أمامه. وصولا لاستغلاله وتحويله إلى خاضع للقواعد التي يفرضها عليه عالم النفس (المعالج بالطريقة السلوكية) والتي تمليها جهات سياسية وليس علمية. وفي النهاية ينجح علم النفس السلوكي في شفاء هذا المريض ؟.

     شارلي: في هذا الفيلم إدانة للرغبة في إنتاج الإنسان العبقري المتفوق. حيث يمكن للمجموعة المنتجة لهذا الإنسان أن تتحكم في العالم. وبطل الفيلم شارلي يخضع لعملية غير مؤكدة النتائج ترفده بذكاء اصطناعي لبضعة شهور. مشاهدو الفيلم يذكرون تلك النظرة الفارغة الخاوية من التعابير، والمليئة بالحمق، التي رافقت تمتع البطل بجرعات ذكاء اصطناعية ؟.

     طيران فوق عش الكوكو: حيث الظهور الشعبي للبطل بعد تعرضه لعملية جراحية تهدف إلى شفائه ؟.

     إن هذه الأفلام، وكثيرة غيرها، أعادت طرح حقوق الإنسان فتخطت مسألة حريته إلى مسألة كرامته. بل هي تخطت كرامة الفرد إلى طرح قضية كرامة النوع البشري. فماذا يبقى من هذه الكرامة إذا ما استبيح الدماغ الإنساني عبر عمليات جراحية والعقل عبر برمجة تفكيره وتقنين تصرفاته والمجموعات البشرية عبر استغلال نقاط ضعفها وحساسياتها كي يتم توجيهها بالاتجاه المناسب لأحد الأطراف. سواء كان دولة أو فكرا أو فردا أو مجموعة بشرية متمايزة.

     لقد جرى التركيز الإعلامي المكثف خلال عقود على إساءة استخدام العلوم النفسية (الطب النفسي خاصة) في الاتحاد السوفياتي والدول الاشتراكية سابقا. حيث كان المعارضون السياسيون يحولون إلى المصحات العقلية وهنالك توضع لهم التشخيصات المناسبة لبقائهم في هذه المصحات. حتى أدى هذا التركيز إلى رفض عضوية الاتحاد السوفياتي في الجمعية العالمية للطب النفسي (قبلت عودته إليها في مؤتمر أثينا العام 1989).

     في المقابل فقد تكتمت الولايات المتحدة رعدة دول غربية أخرى على إساءة استخدامها لهذه العلوم بدءا من استخدام مخدرL.S.D. في التحقيقات (مما أدى إلى انتشاره في ما بعد كمخدر) و وصولا إلى الجراحة الدماغية مرورا باستخدام السيكولوجيا الجماعية وتسخيرها في خلق الإيحاءات التي تدفع الجمهور بالاتجاه المناسب للسياسة الأميركية. وهذا ما دفع المفكر الأميركي نعوم تشومسكي لتخصيص فصل خاص في كتابه "قراصنة وأباطرة" للمقارنة بين التجاوزات الأميركية (التي جعلتها القوة و السيكولوجيا مباحة) وبين الإدانة الجماهيرية (الرأي العام الذي تتحكم فيه الولايات المتحدة) للتجاوزات السوفياتية الأقل حجما ووقاحة كما يقول تشومسكي.

     لكن نقطة ضعف السيكولوجيا السياسية هي أنها تعطي مفعولا قابلا للارتداد. فهذه الإيحاءات (الموجهة للجمهور الواسع] هي كناية عن تنويم مغناطيسي جماعي لكنه مؤقت. فلو نحن عدنا إلى فترة فضيحة نيكسون المسماة ب: "ووترغيت " لرأينا أنها كانت مناسبة أفاقت الجمهور الأميركي من غفوته المغناطيسية وجعلته يراجع إيحاءات السلطة فظهرت عندها انتقادات مكثفة. يقول البعض أنها كانت موجودة لكنها لم تكن تجد مستمعين. فظهرت في تلك الفترة مجموعة من الكتب التي تفضح الاستخدام السياسي السيئ للسيكولوجيا ولغيرها من العلوم الإنسانية وتسخيرها لخدمة مصالح النخبة الأميركية. ثم جاءت فضائح كلينتون بدءا من الفضيحة المالية "وايت ووتر" وصولا إلى الفضائح الأخلاقية. والتي بدورها أيقظت حاسة النقد لدى المواطن الأميركي ولكن بفوارق ملحوظة. إذ أن هفوات نيكسون شكلت تحديا للمفاهيم الليبرالية الأميركية في حين كانت هفوات كلينتون اقرب إلى الشخصية منها إلى العمومية والمبدئية. لكن السؤال الذي يطرح نفسه في الحالتين هو: ما هي السلطة الخفية التي تتصدى لأعلى مراكز السلطة الأميركية؟ وما هي دوافع هذا التصدي؟

     على أية حال فان أصعب أزمات علم السياسة هي تطور فروعه على حسابه كأصل. إذ أن علم السياسة التقليدي خسر مكانته تدريجيا بسبب السرية المحاطة به والتي حاولت تكريسه كموهبة غير قابلة للتدريس. في حين تمكنت العديد من الفروع المنتمية أصلا إلى علم السياسة من تكريس أكاديميتا و قابليتها للتدريس وللقياس العلمي. و هكذا تطورت علوم من نوع علم الاجتماع وعلم النفس الاجتماعي والاقتصاد والإحصاء وحتى المستقبليات على حساب علم السياسة. الأمر الذي أدى إلى تراجع المفهوم الشمولي لعلم السياسة وحوله إلى مجموعة غير متماسكة تدعى بالعلوم السياسية. ومن هنا القول أن التعمق في دراسة أي موضوع سياسي يقودنا للاستعانة بعلوم أخرى حتى تبدو السياسة وكأنها منساقة قسرا لهذه العلوم.

     هذا الانسياق يبرر تنوع وتفرع التطبيقات التي نوردها في هذا الكتاب. كما يشرح العلاقة التبادلية المعقدة بين السياسة وعلم النفس ويفسر وجود علوم وسيطة بينهما.

     لذلك رأينا أن نبدأ الكتاب بفصل أول يشكل مدخلا إلى علم السياسة نتبعه بفصل عن المستقبليات يتضمن عروضا لعدد من أهم نظريات وكتب المستقبليات مع شرح أو إشارة إلى رؤية شخصية أو عربية من هذه الطروحات. ويتضمن الفصل الثاني عروضا نقدية للكتب التالية: أ- تحول السلطة (توفلر) و 2- نحو بناء حضارة جديدة (توفلر) و3- صدام الحضارات (هنتنغتون) و 4- تآكل المصالح الأميركية (هنتنغتون) و5- الألفية الجديدة (أتالي) و6- الإسلام والغرب (هاليداي) و 7- نهاية العلم (بارتنح) و 8- الأبعاد الدولية للصراع الداخلي (براون) ر 9- الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية (غارودي) و 10- مثلث الشؤم (تشومسكي) و 11- قراصنة وأباطرة (تشومسكي) و 12- النظم العالمية (تشومسكي) ر 13- اله المعارك - الحروب المقدسة (بارتز) و 14- العولمة (فيرانديزي) و15- النظر غير المتساوي. ولقد اخترنا لهذا الفصل عنوان "المستقبليات بين السيكولوجيا والسياسة". أما الفصل الثالث من هذا الكتاب فهو بعنوان: "السياسة بين الفردية والعولمة" ويتضمن المواضيع التالية: 1- سيكولوجية المعلومات و 2- العولمة والمعلوماتية هذا المزيج القاتل و 3- الانهيارات المالية في البورصات- الفردية تهدد العولمة و 4- ثقافة الطفل العربي في الألف الثالث.

     ويحمل الفصل الرابع عنوان "سيكولوجية الصراع العربي- الإسرائيلي " ويتضمن: 1- سيكولوجيا الأسطورة في الإرهاب الصهيوني و 2- الأساطير الإسرائيلية المؤسسة لتنفيذ القرار (425) و 3- إعادة تصدير اليهود العرب و 4- الهوية الإسرائيلية و5- دينامية الرأي العام العربي و 6- نهاية الأيديولوجيات- فرضية ساذجة و 7 المؤرخون الجدد والخطيئة الإسرائيلية و 8 الكابوس النووي وضرورة إخلاء الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل.

     " العرب والنظام العالمي الجديد" هو عنوان الفصل الخامس ويتضمن: 1 " النظام العالمي الجديد والمثقف العربي و 2 " أزمات الخطاب السيكولوجي العربي و 3- صور العري الأربع و 4- قضية الأخلاق في السياسة الأميركية وه- الثورة الثانية في أميركا و 6- استعراضية اللوبي اليهودي و 7- هل الإيدز صناعة أميركية و 8- التحليل النفسي لشخصية كلينتون و 9- عبثية الراهن العلمي و10- العرب بين الإرهاب والبحث العلمي. ونأتي إلى الفصل السادس وعنوانه (سيكولوجية الكوارث العربية- لبنان نموذجا" ويتضمن: 1- الانحراف والإحصاءات الوهمية في مجتمع الحرب اللبنانية و 2- التعيين والعدائية... سياسة الجمهورية الثانية و3- سيكولوجية الزعامة في الانتخابات اللبنانية و 4- العوامل النفسية المؤثرة في الانتخابات و5- الآثار النفسية- المستقبلية لعناقيد الغضب و 6- صدمة قانا و 7- عقدة الخجل وشرعية الحياء.

     أما الفصل السابع فيحمل عنوان: الشخصية العربية في عالم متغير وهي ورقة قدمها المؤلف في مؤتمر جامعة دمشق ونشرتها مجلات: "دراسات نفسية [مصر] و "دراسات عربية" و "الثقافة النفسية" "البنان" كما نشر ملخصها (راجع الفصل الثاني) في جريدة الكفاح العربي.

     ويحمل الفصل الثامن عنوان "الشخصية العربية والوفرة الاقتصادية" وهو يربط بين الأمة (ككائن ذي استمرارية) وبين كل من السيكولوجيا والاقتصاد والسياسة.

     ثم فصل "سيكولوجية الشائعات " وهو التاسع ويتضمن: 1- تعريف الشائعة و 2- قانون الشائعة و3- تصنيف الشائعات و 4- نماذج عن الشائعة السياسية.

     ونأتي إلى الفصل العاشر والأخير الذي يحمل عنوان "السيكولوجيا السياسية في مجال الجاسوسية". ويتضمن: 1 التأثير على الوعي وفيه نتوقف عند التعذيب الإسرائيلي وأساليبه و 2- العقاقير النفسية في الجاسوسية و 3- الجراحة النفسية و 4- غسل الدماغ و5- تجنيد الجواسيس و 6- علم نفس الحروب و 7- فخ تحويل العلماء إلى جواسيس.

     بعد كل ما تقدم سيخرج القارئ بانطباعاته الخاصة.  وقد يفيده في تكوين هذه الانطباعات أن يعلم بأن بعضهم يعتبر السياسة قمة الهرم و يرى أنها تسخر العلوم الأخرى، ومنها النفسية، لخدمتها. فهي تستفيد من هذه العلوم كافة لتدعيم قدرتها الاتصالية (بالرأي العام المحلي والخارجي وبالمؤسسات والدول... الخ) وبالتالي قوتها. في حين يرى رأي آخر بان السياسة عجزت عن التحول إلى علم حقيقي وبأن العلوم الإنسانية و الاتصالية خاصة ستأخذ منها مكانة الصدارة لتحولها إلى مجرد تطبيقات. بحيث يصح الحديث عن علم الاجتماع السياسي وعلم النفس السياسي وغيرها. وهكذا بحيث تتحول السياسة إلى مجرد ميدان تطبيقي لهذه العلوم.

    أما إذا أردت رأيي الشخصي (الذي دفعني لكتابة جملة مقالات هذا الكتاب) فإني أقدمه لك على الوجه التالي: لقد وضع أرسطو السياسة في خانة العلوم التطبيقية وقرنها بالأخلاق بدءا من سلوك الشخص وتدبير الاقتصاد العائلي وصولا إلى تشكيل المدنية (أي السياسة التي وضعها في قمة الهرم). وسواء تكلمنا عن علم السياسة التقليدي أو علم النفس (أو الاجتماع أو الانثربولوجيا... الخ) السياسي فان الأهم هو الجانب الإنساني- الأخلاقي في تطبيقاته. وهذا مهمل في التعاطي مع القضايا والمصالح العربية. انه النظر غير المتساوي الذي يحتاج للتقويم

الرجوع إلى الفهرس

 

q       قـــراءات: د.محمد عبد الظاهر الطيب / جريدة الزمان-لندن

 

علم المستقبليات من  أحدث العلوم الإنسانية وهو مرتبط مباشرة بالعلوم النفسية. فالتعرف إلى نمط سلوك فرد أو جماعة معينة من شأنه أن يساعدنا على توقع ردود الفعل المحتملة لصاحب هذا السلوك.بهذا تتبين لنا العلاقة الوثيقة والعضوية بين السيكولوجية وبين المستقبليات. لكن هذه الأخيرة لم تظهر إلى حيز الوجود إلا بدعم من السياسة وتحديداً بسبب حاجة السياسة إلى علم ضابط ومعياري للاقتراحات الاستراتيجية المبنية على قواعد التحليل الذاتي للعاملين في مجالها. وبما أن السياسة لا تتحمل الأخطاء الاستراتيجية فقد كان من الطبيعي أن تسعى جاهدة للبحث عن وسائل قياس وحكم موضوعيين للطروحات الاستراتيجية.

وإذا ما استثنينا بعض الترجمات العربية لعدد محدود من كتب المستقبليات (مثل تحول السلطة وصدام الحضارات .. الخ) يمكننا القول بأن المكتبة العربية خلو من هذه الدراسات والكتب. ونحن نرى في المقابل اكتظاظ هذه المكتبة بمئات الكتب التي تناقش العولمة وتتوزع مواقف قبولها ورفضها ثم الإقبال عليها بشروط .. الخ.

  أمام هذه الوقائع رأينا لكتاب "سيكولوجية السياسة العربية العرب والمستقبليات" أهمية فائقة. خصوصاً وأن مؤلفة الدكتور محمد أحمد النابلسي هو أحد أهم الأطباء النفسيين العرب وأكثرهم اهتماماً بفرع الطب النفسي الاجتماعي بمتفرعاته بما فيها الطب النفسي السياسي.

بداية يقوم النابلسي بتعريف القارئ العربي بقائمة من أهم وأشهر كتب المستقبليات. فيعرض لها ولأفكارها الأساسية ولمنطلقاتـها النظرية. ثم ينتقل لإبداء رأيه بهذه المنطلقات. السؤال الذي يطرح نفسه هنا : " هل يمكن للمؤلف أن يختصر مثل هذه الكتب في عدة صفحات بالرغم من حداثة طروحاتها وصعوبتها؟ .

ونجد الجواب في مجلة " شؤون خارجية" وتحديداً في مقالة نشرتها المجلة في أربعة صفحات فقط و كانت بعنوان " صدام الحضارات" لصموئيل هنتنغتون. وكانت هذه الصفحات كافية لتلخيص الرؤية المستقبلية للمؤلف، وعندما وسعها المؤلف وأصدرها في كتاب فإنه لم يضف إضافات أساسية هذه المقالة. لكنه استغل مساحة الكتاب للدخول في شروحات تفصيلية. وبهذا تتأكد لنا امكانية اختصار هذه الكتب وعرضها في صفحات قليلة على غرار ما فعله المؤلف الذي يعرض للكتب التالية: "تحول السلطة" و "على طريق حضارة عالمية جديدة" و "صدام الحضارات" و "تآكل المصالح الأميركية" و "الألفية الجديدة"  و "خرافة المواجهة" و"نهاية العلم" و "الصراع الداخلي" و "الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية" و "مثلث الشؤم" و "قراصنة وأباطرة" و "الأنظمة العالمية قديمها وحديثها" و "إله المعارك الحروب المقدسة" و "العولمة" و"النظر غير المتساوي".
    بعد هذا العرض الشامل لأهم النظريات المستقبلية ينتقل المؤلف لعرض الراهن السياسي العالمي الذي تنطلق منه هذه الدراسات المستقبلية. حيث يعتمد هذا الراهن على عنصرين أساسيين هما:
1-  المعلوماتية وثورة الاتصالات.
2-  العولمة بوجوهها المختلفة والاقتصادي منها خصوصاً.
فيتطرق إلى مناقشة سيكولوجية للمعلومات ولإمكانية توظيفها في اتجاهات خاطئة وبالتالي إمكانية إساءة استخدامها. ثم يربط النابلسي بين المعلوماتية وبين العولمة فيرى أن مزيجهما يمكنه أن يكون قاتلاً. ويمكن تبسيط وجهة نظره بالقول بأن عولمة المعلومات المختصة ببيئة معينة يمكنه أن يجلب الأذى إلى البيئات الأخرى المتعولمة. والمؤلف يناقش هذه المواضيع على صعيد نظري-اختصاصي لكنه صعيد لا يقبل الفصل عن الصعيد السياسي.
          ويأتي الكتاب إلى محاولة تطبيق هذه المعطيات المتحكمة بالسياسة العالمية في مجال الصراع العربي الإسرائيلي. فنراه يناقش مواضيع: سيكولوجيا الأسطورة في الإرهاب الصهيوني والأساطير الإسرائيلية المؤسسة للقرار 425. كما يتطرق لمناقشة أزمة الانتماء لدى اليهود الإسرائيليين والقوة النووية الإسرائيلية كما عرض هذا الفصل لمشروع المؤرخين الإسرائيليين الجدد بوصفه مشروعاً لما بعد الصهيونية.
    وقضية الصراع بين العرب وإسرائيل تعيد طرح أزمة الاتصال بين العرب والنظام العالمي الجديد وإشكاليات هذا التواصل. حيث يرى المؤلف عبثية الخطاب العربي العاجز عن التوجه في زمان العولمة. ويشير إلى أزمات الخطاب السيكولوجي العربي. وذلك انطلاقاً من قناعة المؤلف بأن البراغماتية هي من نتاج الفكر السيكولوجي. وبالتالي فإن النابلسي يعطي للسيكولوجيا دور البديل العملي للإيديولوجيات. وهذا البديل وإن كان قاصراً ولكنه سائد وصالح للاستخدام في زمن العولمة. ومن هنا أهمية مناقشة أزمات الخطاب السيكولوجي العربي. وعلى الطرف الآخر يجهد المؤلف لتقديم صورة موحية وموضوعية عن واقع الولايات المتحدة. فهو يرى أن استيعاب هذا الواقع ضروري لإقامة علاقة حد أدنى مع القطب الأوحد. لذلك نراه يتطرق لمواضيع من نوع: انحرافات الرؤساء الأميركيين والميليشيات الأميركية البيضاء (العنصرية) والقوة اليهودية في أميركا ومن ثم فهو يقدم تحليلاً نفسياً لشخصية الرئيس كلينتون. لينهي فصله بمناقشة التهمة الملصقة بالعرب وهي تهمة "الإرهاب". وهو موضوع لا يزال مثار نقاشات على أكثر من صعيد.
    الفصل السادس يخصصه المؤلف لدراسة سيكولوجية للكوارث العربية متخذاً من الكوارث اللبنانية نموذجاً لدراسته. ويليه فصل سابع بعنوان : " الشخصية العربية في عالم متغير" وثامن بعنوان "سيكولوجية الشائعات". أما الفصل العاشر والأخير فيحمل عنوان " السيكولوجيا في مجال التجسس" .
    والكتاب يعتمد منهجية مخالفة بعض الشيء وهو يخرج على مألوف ما يسمى بكتب المقالات المجمعة. حتى يبدو أن هذا الطراز من الكتب سيكون غالباً خلال الفترة القادمة. فالمؤلف يعرض لثلاثين كتاباً من أهم كتب الفكر السياسي المعاصر ويقدم رأيه في طروحاته. ولم يكن المؤلف ليواجه صعوبة تذكر لو أنه حاول صياغة هذه العروض بحيث يحول آراءه وانتقاداته إلى محور ويحول الكتاب المعني إلى مرجع. إلا أن هذه الحيلة قد لا تكون نافعة في عصر الاتصالات. ولعل المؤلف أراد إبقاء المقالات على الحال التي نشرت فيه، مع ذكر مكان النشر وتاريخه، للحفاظ على أسبقيته في نشر بعض التوقعات المستقبلية والآراء المعارضة لطروحات سائدة. مثال ذلك تساؤله عما إذا كانت الولايات المتحدة سوف تصر على العولمة أن هي رأت فيها أضراراً بالمصالح الأميركية؟ وأيضاً تساؤله هل يتخلى كلينتون عن سياسة " الاحتواء المزدوج" ليبدلها ب " سياسة التفتيت العنقودي؟ وهو تفتيت تتبدى علائمه حالياً في يوغوسلافيا وإندونيسيا والقوقاز .. الخ

 

Document Code PB.0065

http://www.arabpsynet.com/Books/Nab.B1 

ترميز المستند   PB.0065

Copyright ©2003  WebPsySoft ArabCompany, www.arabpsynet.com  (All Rights Reserved)